الوجه الآخر لثـورة الياسمين
التوانسة ''يحرقون'' للجزائر بحثـا عن القوت والعمل
18-07-2011
تحولت المدن الواقعة على الحدود مع الجارة تونس إلى وجهة لمئات ''التوانسة'' الفارين من تداعيات ثـورة الياسمين، التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي ونظامه.
يفضل هؤلاء التونسيون الإقامة عند أصهارهم الجزائريين ريثـما تعود الحياة إلى طبيعتها في بلدهم، في حين يضطر مئات آخرون، تحت ضغط تدهور ظروف المعيشة، إلى نسج علاقات متينة مع سكان الشريط الحدودي، بغرض مساعدتهم على الاستقرار عن طريق مشاريع تجارية، تبدأ من افتتاح محلات بيع الحلويات التقليدية، على غرار ''الزلابية''، و''المقروظ''، و''المخارق''... وغيرها.
وفي هذا الصدد، يقول حاتم بن مراد، من مدينة جندوبة التونسية، والذي يأتي إلى الجزائري ليس بحثـا عن السياحة: ''ليس هذا وقت الترويح عن النفس والاستجمام، نحن نفضل الربح وكسب القوت''. وبفعل رواجها السريع، أصبحت موائد العائلات في سوق أهراس تطبعها أطباق تونسية تقدم للضيوف والزوّار، وتتجنب بذلك متاعب وتكاليف إعدادها.
ويتعاطى المواطنون من الجنسين ومن مختلف الأعمار مع هذا النوع من المأكولات، حيث نادرا ما يصمد المارة أمام روائحها. وتصنف حلوى ''المقروظ'' على رأس الحلويات التي يكثـر عليها الطلب، رغم ارتفاع سعرها الذي لا ينزل عن 200 دينار للكيلوغرام الواحد.
وأمام هذا الإقبال على منتجاتهم، يتفنّن ''التوانسة'' في تنويع الحلويات التقليدية، سواء من ناحية مواد التحضير، أو من ناحية أشكالها وأحجامها، وذلك بحثـا عن إشباع حاجيات أكبر قدر من المستهلكين.
وتعرف المدن التونسية المتاخمة للشريط الحدودي، مثـل الكاف وجندوبة وغار الدماء، توافدا كبيرا للعائلات التونسية، وذلك بغرض التسوق والتزوّد من مختلف المواد الغذائية، من المشروبات الغازية إلى مختلف منتجات اللحوم بنوعيها البيضاء والحمراء، بالإضافة إلى الألبسة الجاهزة والأواني المنزلية. وأصبح الكثـير من ''التوانسة'' زبائن معروفين لتجار سوق أهراس. ومن أجل ربح الوقت، يتم ترتيب الطلبيات بواسطة المكالمات الهاتفية، من أجل ضمان القدوم والعودة في نفس اليوم إلى مدنهم على متن سياراتهم الخاصة. ومن بين المقتنيات التي يقبل عليها ''التوانسة'' هذه الأيام قطع غيار السيارات التي تتصدر قائمة المنتجات المطلوبة في السوق التونسية. ويقول صالح الباجي، تونسي من مدينة باجة: ''أتردد على سوق أهراس أربع مرات في الشهر من أجل التسوق والتبضع، أنا أجد كل ما يطلبه المستهلك في مدينتي هنا، خاصة أن الأسعار منخفضة جدا مقارنة بنفس السلع والمنتجات في تونس''.
ولأن زيادة الخير خيرين مثـلما يقال، فإن التجار ''التوانسة'' اهتدوا إلى ملء خزانات الوقود لسياراتهم، بغرض بيع كميات منها في تونس بمعدل مرة في الأسبوع.