علاج الخوف الذي لا يعلم سببه بالأذكار الشرعية
زوجتي أصيبت بمرض معين، وأصبحت تخاف من كل شيء، ولا تستطيع البقاء وحدها، وآخر يقول إنه يشكو نفس الحالة، وأنه لا يذهب إلى المسجد للصلاة مع الجماعة، ويسأل عن العلاج حتى لا يلجأ إلى الذهاب إلى الكهان والمشعوذين؟
إن الله جل وعلا ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله، وإن الله قد جعل فيما نزل على نبيه صلى الله عليه وسلم من الخير والهدى والعلاج لجميع ما يشكو منه الناس من أمراض حسية ومعنوية - ما نفع الله به العباد، وحصل به من الخير ما لا يحصيه إلا الله عز وجل. والإنسان قد تعرض له أمور لها أسباب، فيحصل له من الخوف والذعر ما لا يعرف له سببا بينا.
والله جعل فيما شرعه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من الخير والأمن والشفاء ما لا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى.
فنصيحتي لهذين السائلين وغيرهما أن يستعملا ما شرعه الله تعالى من الأمور الشرعية التي يحصل بها الأمن والطمأنينة، وراحة النفوس والسلامة من مكايد الشيطان، ومن ذلك قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة بعد الأذكار الشرعية، وآية الكرسي هي قوله تعالى: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ...[1] إلى آخر الآية.
وهي أعظم آية في القرآن، وأفضل آية في كتاب الله عز وجل، لما اشتملت عليه من التوحيد والإخلاص لله سبحانه وتعالى، وبيان عظمته جل وعلا، وأنه الحي القيوم المالك لكل شيء ولا يعجزه شيء جل وعلا. فإذا قرأ المرء هذه الآية خلف كل صلاة كانت له حرزا من كل شر، وهكذا قراءتها عند النوم، فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن من قرأها عند النوم لا يزال عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح))، فليقرأها عند النوم وليطمئن قلبه، وسوف لا يرى ما يسوءوه إن شاء الله، إذا صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما قال واطمأن قلبه لذلك، وأن ما قاله صلى الله عليه وسلم هو الحق والصدق، الذي لا ريب فيه.
ومما شرع الله أيضا أن يقرأ المسلم سورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[2] والمعوذتين خلف كل صلاة، فهذا أيضا من أسباب العافية والأمن والشفاء من كل سوء، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وقراءة هذه السور الثلاث؛ أعني: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ[3] و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ[4] بعد الظهر وبعد العصر وبعد العشاء مرة واحدة، أما بعد المغرب والفجر فيقرأهن ثلاث مرات..
وهكذا إذا أوى إلى فراشه فليقرأهن ثلاث مرات لصحة الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.
ومما يحصل للمسلم به أيضا الأمن والعافية والطمأنينة والسلامة من الشر كله أن يستعيذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحا ومساء: ((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق))، فقد جاءت الأحاديث دالة على أنها من أسباب العافية، والحفظ من كل سوء.
وهكذا: ((باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم)) ثلاث مرات صباحا ومساء، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من قالها ثلاثا صباحا لم يضره شيء حتى يمسي، ومن قالها ثلاثا مساء لم يضره شيء حتى يصبح، فهذه الأذكار والتعوذات من القرآن والسنة كلها من أسباب الحفظ والسلامة والأمن من كل سوء. فينبغي لكل مؤمن ومؤمنة الإتيان بها، والمحافظة عليها، وهما على طمأنينة وثقة بربهما سبحانه وتعالى، القائم على كل شيء، ومصرف كل شيء، وبيده العطاء والمنع، والنفع والضرر، وهو المالك لكل شيء سبحانه وتعالى.
والرسول عليه الصلاة والسلام هو أصدق الناس، فهو لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى كما قال الله تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى[5] عليه من ربه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
[1] سورة البقرة الآية 255.
[2] سورة الصمد الآية 1.
[3] سورة الفلق الآية 1.
[4] سورة الناس الآية 1.
[5] سورة النجم الآيات 1-4.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخامس
بن باز