تنقلت ''الخبر''، ليلة أول أمس، إلى حي 002 مسكن بالدواودة في تيبازة أين تقيم عائلة دوادي فلاف، الشاب البالغ من العمر 24 سنة الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بمستشفى الدويرة بالعاصمة، متأثرا بمضاعفات صحية سببتها له الحروق العميقة من الدرجة الثالثة بعد تعرضه لقذيفة ''مولوتوف''، خلال الليلة الثانية من المواجهات التي شهدتها مناطق متفرقة من الوطن، وووري جثمان الفقيد الثرى، عصر أمس، بحضور المئات من سكان الدواودة وضواحيها.
نفى محمد، الشقيق الأكبر للضحية، دوادي فلاف، في بداية حديثه معنا الرواية القائلة إنه كان ينوي رشق سيارة شرطة بقارورة ''مولوتوف''، حيث روى لنا تفاصيل الحادثة بقوله: ''كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة ليلا حينما أخبرني أحد الجيران أن أخي ساقط على الأرض بالطريق الرئيسي بحي الزيتون، حيث تركت موقعي بالحي ووصلت إليه لأجده ممددا على الأرض، وقد تعرض إلى حروق بليغة على مستوى الصدر والرجلين فيما كان محاطا بعدد من رجال الشرطة..''. وتابع محمد ''سألته عن حالته، فقال لي إنه متعب، وأكد لي أن أحد رجال الشرطة الذين كانوا في المواجهات هو الذي قام بإطفاء النار التي التهبت في جسده، بعدما قامت سيدة بإلقاء بطانية من نافذتها واستعملها الشرطي في إخماد النار التي اشتعلت في ملابسه.. ولم يكن يدري من أين جاءت تلك القذيفة''، حسب ما أكده محدثنا.
وذكر محمد، البالغ من العمر 35 سنة، أن أخاه الضحية بقي لمدة طويلة قبل أن تصل سيارة للحماية المدينة ونقلته إلى مستشفى القليعة ثم إلى الدويرة في نفس الليلة، حيث صارع الموت لمدة ستة أيام إلى أن فارق الحياة صبيحة أول أمس.
وعاد محمد إلى المأساة الاجتماعية التي تعيشها عائلة المرحوم: ''لا أصدق الرواية القائلة أن أخي قام برشق الأمن بالزجاجات الحارقة، غير أنني أصر على أنه ذهب ضحية حفرة، وكان من أشد الناقمين على وضعيتنا الاجتماعية باعتباره الأصغر في العائلة، فرغم كوننا من أقدم العائلات هنا بالدواودة إلا أن الإقصاء والتهميش مورس علينا في الصميم، وحرمنا من حقنا في السكن، ولا تزال عائلتنا المكونة من 10 أفراد تقيم في شقة من ثلاث غرف، حيث لجأ المرحوم قبل أسابيع فقط رفقة أخي ''الزبير''، البالغ من العمر 34 سنة، إلى بناء بيت قصديري قصد الزواج فيه، لكن السلطات سارعت إلى هدمه. ولم يلتفت أحد إلى مأساتنا، بل اعتبرنا رئيس البلدية مجهولين، رغم أن جدي هو أول من حوّل إصطبلا للبقر تابعا للكولون إلى أول مسجد هنا بالدواودة''.
وأشار والد الضحية، عمي الطاهر، إلى أن ابنه ذهب ضحية المحرضين الذين دفعوا بـ''أولاد الفاميليا'' إلى المواجهة مع الأمن، فيما اشتغل المنحرفون واللصوص بأعمال النهب والسرقة. وأصر أنه خاطب جموع الشباب الغاضبين الذين تجمعوا من جميع الأحياء لتجديد المواجهات، ليلة أول أمس، بتجنب هذا الأسلوب ودعاهم إلى العودة إلى بيوتهم، وهو النداء الذي استجاب له العشرات من الشبان والمراهقين الذين استعدوا لحرق العجلات المطاطية وغلق الطريق الرئيسي بحي الزيتون.