يتحملون مشاق الصحراء ويصعب على الأمن استنطاقهم
بارونات يستعينون بالأفارقة في تمرير الكيف المغربي إلى الجزائر
27-07-2011 بشار: ع. موساوي
أفادت معطيات، حصلت عليها ''الخبر''، أن مصالح الدرك الوطني وحرس الحدود العاملة بإقليم القيادة الجهوية الثالثة تمكنت من الإطاحة بـ100 مهرّب، بينهم بارونات ينشطون في مجال تهريب السموم البيضاء والسجائر. وأفضت التحقيقات التي أجريت مع الموقوفين إلى تفكيك جماعات تهريب على علاقة بأخرى مغربية تنشط بولايات الجنوب، وفي مقدمتها ولايات بشار، أدرار، تندوف، تمنراست، وهو ما يعزز القناعة الراسخة أن المغرب يظل القاعدة الخلفية الوحيدة لجميع عمليات التهريب، في ظل السهولة التي يلقاها هؤلاء في عبور الحدود.
وكشفت تحقيقات أجريت مع مهربين موقوفين، أن تكاليف نقل المخدرات التي يقوم بها رعايا أفارقة من الأراضي المغربية باتجاه الجزائر ارتفعت عشرة أضعاف مما كانت عليه قبل سنتين. فبعدما كانت العملية الواحدة تكلف، خلال النقل، أجرا يتراوح بين 15 إلى 20 مليون سنتيم، ارتفعت خلال هذه الأيام إلى ما بين 150 إلى 200 مليون سنتيم، رغم أن أبعد مسافة بين الحدود بين المغرب والجزائر لا تتجاوز 100 كلم.
ويتوزع هؤلاء المهربون على فئتين، فئة تتكفل بقيادة السيارات والمركبات المحمّلة بالسلع المهرّبة سواء كانت مخدرات أو سجائر، وفئة أخرى تتولى حراستها، وهذا عندما يتم ردمها وإخفاؤها في أماكن معيّنة من الصحراء، حيث تحاط بـ''حراسة مشددة عن بعد'' إلى غاية قدوم الزبائن لأخذها.
ويتم اللجوء لتوظيف هؤلاء الأفارقة نظرا لطاقة التحمّل التي يتميزون بها في التكيف مع مشاق الصحراء، يضاف لها قدرتهم على الحديث بلهجات يصعب على الجهات الأمنية استنطاقهم فيها من بعد، كما أن هذا العنصر الإفريقي في أغلب الأحوال لا يكون على إطلاع على جميع أسرار العصابة أو العناصر ذات الوزن الثقيل فيها، فضلا على أن جميع الأسماء التي تقدم هي مجرد ألقاب وأسماء مستعارة، وهو ما يعقد في كثير من الأحيان إجراءات التحقيق مع هؤلاء. وتشترط جماعات التهريب في أفراد الفئة الأولى، مهارات عالية في قيادة السيارات، وأخرى تتعلق بالقدرة على العمل والتكيف مع كل الظروف. وبالفعل، أظهر هؤلاء قدرات فائقة على الفرار من قبضة أفراد الجيش أو الدرك الوطني أو حرس الحدود في أكثر من مناسبة، من خلال القيادة الاحترافية للسيارات رباعية الدفع، أو الدراجات النارية. كما يتحلى هؤلاء بهدوء في أحلك الظروف، إذ لم يحدث أن اضطربوا أثناء قيادتهم رغم وابل الرصاص الذي يتعرضون له في حال انكشاف أمرهم.
ومن الأساليب التي وظفها هؤلاء في الفرار من المطاردات، تغيير مصابيح الإنارة الأمامية والخلفية، فتوضع الأولى محل الثانية، بكيفية تجعل من يراقب هذه السيارة عن بعد، يظن أن السيارة في طريقها إليه بينما هي تسير في الاتجاه المقابل، وهي الحيلة التي لم تعد تنطلي على أفراد الجيش والدرك وحرس الحدود. وفرضت هذه الوضعية الاستعانة أكثر بسلاح الوحدات الجوية في حال فشل الملاحقة البرية، وهو ما مكن من تدمير عدد كبير من المركبات التي تبين أن المهربين قاموا بلصق الرمل على واجهتها باستعمال مواد لزجة يصعب تمييز لونها أثناء المرور عبر العروق الرملية، إلا أن الرؤية من الجو تكشف حركتها، الأمر الذي سهل من تعقبها بالمروحيات.
وبررت ذات المصادر تدفق الكيف المغربي، خلال الأشهر الستة الأخيرة، وفي فترات متقاربة، باستعانة بارونات التهريب بمسالك جديدة عبر ليبيا وتونس، بحيث كشفت اعترافات مهربين، ألقي القبض عليهم أن الكيف ذا النوعية الرفيعة المعروف بـ''فايف ستار'' أو 5 نجوم، يهرّب إلى دول أوروبا، وفي مقدمتها إيطاليا ودول الخليج ومصر، وهذا انطلاقا من جنوب بشار، أو ما يعرف محليا بطريق فرنسا، ثم البيض والأغواط ووادي سوف، لتصل إلى منطقة طالب العربي بتونس، ومنها إلى دول الخليج أو أوروبا.