رئيس هارب وآخر يحكم لساعات وثالث بصلاحيات تنتهي بعد شهرين
ديناصورات النظام التونسي يتصارعون على كرسيّ الرئاسة
15/01/2011 - 23:55:00
النهار الجديــد / اسماعيل. ف
ثلاثة رؤساء لجمهورية واحدة في خلال أقل من 24 ساعة.. هذا ما يمكن بواسطته تلخيص الفوضى التي تشهدها أروقة الحكم في تونس منذ أول أمس، بعد فرار زين العابدين بن علي إلى الخارج، مخلفا وراءه رموز نظام حكم رفضت الانقراض وأصرت على حمل مشعل الاستمرار لكن بشعارات مغايرة.فبعد قرابة شهر من الاحتجاجات الشعبية في كامل أرجاء تونس، تحول زين العابدين بن علي، عشية يوم الجمعة الماضية، من رئيس يُحكِم قبضته على تونس، إلى مجرد شخص هارب يستجدي السماح لطائرة بالهبوط في أي مكان آمن، ليخرج الوزير الأول محمد الغنوشي، في مساء نفس اليوم، ويعلن عبر شاشة التلفزيون التونسي عن تنصيب نفسه رئيسا ''مؤقتا'' للبلاد، بتفويض من زين العابدين نفسه، حسب ما جاء في كلمة الغنوشي، الذي استند فيما قاله إلى نص الدستور.وفي صبيحة اليوم الموالي، أعلن رئيس المجلس الدستوري في تونس عن تسمية رئيس مجلس النواب، فؤاد المبزّع، رئيسا للدولة لمدة 60 يوما، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية، منهيا بذلك ساعات حكم محمد الغنوشي. وبقدر ما بيّن هذا الإجراء عدم الاعتراف بمحمد الغنوشي رئيسا للدولة، بقدر ما كشف عن وجود صراع خفي بين بعض رموز نظام حكم بن علي، للسطو على السلطة وتحويل الانتصار الذي حققته الانتفاضة الشعبية في تونس إلى مجرد محطة لاستمرار النظام الحاكم لكن بوجوه وشعارات جديدة.المثير في تجاذبات رموز السلطة في تونس، هو أن كل طرف يحاول توظيف الدستور لصالحه، في حين أنه إذا تم تطبيق الدستور بحذافيره ونصوصه فإنه يتضح أنه لم تتبق أي مؤسسة قائمة في تونس بشكل رسمي، حيث سبق أن أعلن بن علي صبيحة يوم الجمعة عن حل البرلمان مثلما أعلن كذلك عن حل الحكومة، وهو ما يعني أنه لا وجود لبرلمان ولا لرئيس هيئة تنفيذية لمعالجة حالة الشغور في منصب رئيس الدولة.ووسط هذه الفوضى ''الدستورية'' القائمة، نشبت أعمال عنف وإجرام، تميزت بتعرض الممتلكات العمومية والخاصة لأعمال نهب منظمة. وفيما تواترت أنباء عن ضلوع أفراد من البوليس التونسي فيما يجري، تحصلت ''النهار'' على صورة تكشف تورط عناصر من جهاز الأمن التونسي في عمليات النهب التي تعرضت لها الممتلكات والمنشآت في تونس.وبقدر ما تنذر هذه الأوضاع بانفلات غير مسبوق في الأوضاع بتونس، بقدر ما تطرح تساؤلات حول الجهات التي تقف وراء ما يحدث، في ظل عدم تدخل أي جهة لفصل الإشكال الدستوري القائم، ولفرض النظام والسعي لاستتباب الأمن في البلاد، غير أنه من الجدير الإشارة إلى أن المستفيد الوحيد من الوضع القائم هو الرئيس التونسي الهارب بن علي، إلى جانب القوى الغربية التي وقفت دوما خلفه وما تزال، وعلى رأسها فرنسا، حيث يكاد يكون الوضع الراهن يشبه إلى حد كبير عملية اختطاف مصالح بلاد بأكملها كرهينة.